خلف الحربي
نعم، هذا هو العنوان السحري الذي يمكن أن يقضي على ثلاثة أرباع مشاكلنا: (وظيفة، زوجه، بيت)، لو تحقق هذا المثلث الحيوي لأي إنسان عاقل فإنه وبنسبة 70 في المائة لن يورط نفسه في تجارة المخدرات، وبنسبة 80 في المائة لن يلجأ للسرقة، وبنسبة 85 في المائة لن يرتكب جريمة اغتصاب أو تحرش جنسي، وبنسبة 90 في المائة لن ينضم لخلية إرهابية!.
هذه الإحصائية لم تصدر عن المركز الأروستقراطي الأوتوقراطي للبحوث والدراسات، بل ارتجلتها من دماغي قبل أربع وعشرين ساعة!، وأصبحت الآن مقتنعا بأنها الدراسة الأكثر مصداقية، رغم أنني لم أعتمد خلالها على استطلاع رأي عينة عشوائية، ما حاجتي أصلا للعينة العشوائية؟، فأنا أعرف أن قسما كبيرا من الشباب يعيشون حياة عشوائية بلا وظيفة، وآخرين لديهم وظائف ولكنهم يقضون أيامهم بعشوائية لأنهم غير متزوجين، وقسما ثالثا موظفون ومتزوجون ولكنهم يسكنون في بيوت عشوائية مقابل إيجار يبتلع نصف دخلهم!.
فهل أترك ما أراه بعيني وأبحث عن عينة صغيرة أستطلع رأيها لإثبات ما لا يحتاج إلى إثبات؟!.. لا، هذه سفسطة، وأنا لا أحب السفسطة.. أكرهها من اسمها المسفسط!، لذلك توكلت على الله وأصدرت الإحصائية السابقة من دماغي وأقنعت بها نفسي، أنا حر.. فهذه هي الإحصائية الوحيدة التي يرتاح لها ضميري ويصدقها عقلي، وأنتم لستم مضطرين للاهتمام بها، لديكم مئات الدراسات والإحصائيات الصادرة عن مراكز متخصصة من شأنها أن تجيب على أسئلتكم القلقلة.
لا أجد داعيا للحديث عن خطر البطالة، فكل عاقل يدرك أنها أم المصائب، وباب الكوارث، وكرة الثلج المرعبة التي كلما تدحرجت أكثر كبرت أكثر وأكثر، حتى تصبح حاجزا عملاقا يحجب ضوء النهار، ولا بد من استغلال زمن الوفرة المالية لاستحداث أكبر قدر ممكن من الوظائف المدنية والعسكرية، بالإضافة إلى إيجاد فرص عمل حقيقية في القطاع الخاص. باختصار، الحل ليس في معارض التوظيف، بل في التوظيف نفسه.
ولا أظن أنكم بحاجة لأن أحدثكم عن أثر الزواج في حياة أي شاب أو شابة، أنتم تعرفون أهمية هذا الموضوع أكثر مني، ودراستي تقول إن نصف الحل موجود أصلا في بنك التسليف، فلو عاد قرض الزواج إلى حالته الطبيعية بحيث يتم تسليمه قبل الزواج وليس تأخيره لسنوات حتى يصبح أكبر الأولاد في الثالثة من عمره لتغيرت أشياء كثيرة، لماذا تم تفريغ هذا البرنامج الاجتماعي الهام من محتواه حتى أصبح أغلب المقبلين على الزواج لا يعولون عليه أبدا؟!.
أما البيت (لا تشكي لي أبكي لك)، فهو الأمان النفسي والأمن الاجتماعي، وهو الذي يساعد الآباء والأمهات على تربية أبنائهم بشكل افضل، وما دمنا اليوم ننطلق في مشاريع تنموية عملاقة تتنوع بين القطارات والمطارات والجامعات والمدن الاقتصادية والصناعية، فمن الأولى أن توضع المشاريع الإسكانية على رأس قائمة الأولويات، لأننا لن نستمتع بمنجزات القفزة التنموية ونشارك فيها ما دمنا نعمل كي نسدد إيجار البيت!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق